الدين الخارجي و الوضعية المالية للدولة



الديون الخارجية ليست بالضرورة نقطة سلبية لاقتصاد دولة معينة، يجب معرفة طبيعة الدين الخارجي للحكم على الوضعية المالية للدولة.

لذلك من اجل تحليل ادق للوضعية المالية لاي دولة وجب معرفة انواع الدين الخارجي التي عليها ونسبها وايضا الفوائد المدفوعة، تواريخ الاستحقاق والانشطة الموجهة لها.

الدين الخارجي على العموم ينقسم الى :

دين خارجي للقطاع العام

وهو دين خارجي على الحكومة لدول اخرى منظمات مالية ومستثمرين خواص مثلا الاستثمار في السندات الحكومية.

دين خارجي للقطاع الخاص

وهو دين تابع للقطاع الخاص، اي ديون على الشركات، البنوك، الافراد، مثلا اجنبي يفتح حساب بنكي في دولة معينة، قيمة الوديعة المالية لدى البنك تعتبر دين خارجي على الدولة تابعة للقطاع الخاص.

ديون خارجية تجارية

وهي ديون على الغالب ناتجة عن العمليات التجارية بين الدول، صادرات واستيراد وتكون على الغالب قصيرة الاجل وبين البنوك.

ديون القطاع العام

باستثناء السندات التي تضمن فيها الحكومة تكون على الغالب مضمونة من طرف ثالث، دولة معينة، منظمة مالية كالبنك الدولي او صندوق النقد الدولي.

عند معرفة نوعية الدين الخارجي وهل هو قصير ام طويل الاجل، نسبة الفوائد المدفوعة، بالاضافة طبعا الى نسبته من الناتج المحلي الاجمالي يمكن بعد ذلك تحليل الوضعية المالية لدولة معينة وهل معرضة الى هزات مالية مستقبلا بسبب ارتفاع تكاليف الدين وتناقص العملة الصعبة بها.

لفهم الموضوع اكثر نأخد مثالين وهما مصر وماليزيا، اخترت المثالين لان الدولتين لديهما نسبة عالية من الدين الخارجي مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي لكن في نفس الوقت هناك اختلاف جذري في توزيع الدين الخارجي حسب نوعيته وايضا وضعية اقتصاد الدولتين .

بلغ الدين الخارجي لدولة مصر حسب اخر تقرير للبنك الدولي 143.246 مليار دولار اي 36% من الناتج المحلي الاجمالي، هذا الدين اغلبه يعود للقطاع العام بقيمة 129.3 مليار دولار، تشكل السندات الحكومية منها فقط 31 مليار دولار وبسعر فائدة جد مرتفع تجاوز 18.9% على سندات العشر سنوات، باقي الدين هو دين للقطاع العام بضمانات سواء من طرف دول او صندوق النقد الدولي، اغلب هذا الدين وجه لقطاعات يستحيل تغطية تكلفته وبقروض عن طريق البنوك بفائدة اقل من الفائدة المدفوعة على الدين في الاساس ومنه دخول الاقتصاد في حلقة مغلقة تجعل اغلب موارده توجه لتغطية تكلفة الدين وليس الدين.

بلغ الدين الخارجي لدولة ماليزيا حسب اخر البيانات الصادرة عن البنك المركزي الماليزي 250 مليار دولار وهو يمثل حوالي 60% من الناتج المحلي الاجمالي بماليزيا، هذا الدين اغلبه تابع للقطاع الخاص بقيمة 144 مليار دولار، البنوك تشكل النسبة الاكبر من ديون القطاع الخاص بقيمة 80.3 مليار دولار ، بينما ديون القطاع العام تساوي 70 مليار دولار النسبة الاكبر منها سندات حكومية 43.1 مليار دولار والتي نسبة الفائدة عليها فقط 4.03 % لسندات العشر سنوات.

من خلال ما قدمته من مثالين اتمنى ان تكون الصورة الان واضحة، مصر تغرق في الديون الخارجية التي اغلبها بضمانات من دول معينة او مؤسسات مالية عالمية مقابل تنازلات، تدفع اسعار فائدة عالية على سنداتها لمحاولة جلب العملة الصعبة، قطاعها الخاص شبه ميت والدليل قيمة الدين الخارجي الذي يشكله، في المقابل ماليزيا في وضعية مالية جيدة، تستقطب الاموال عن طريق بنوكها وقطاعها الخاص، تدفع سعر فائدة قليل على سنداتها كون الطلب عليها مرتفع وليس لديها مشكل عملة صعبة، لذلك بالرغم من ان ديون ماليزيا اكبر من ديون مصر الا ان مصر هي الدولة التي تعاني ماليا .

ما ذكرته من مثالين يمكن تطبيقه على كل الدول الاخرى لكي يكون لديك النظرة المالية التحليلية لمسألة الديون الخارجية وليس النظرة العامية، يمكنك ايضا المقارنة بين الامارات والمغرب مثلا وستصل لنفس النتيجة.

جلال بوسمينة .

abdourazeq

شاب جزائري من ولاية جيجل شغوف بالتكنولوجيا وأخبار التقنية نسعى لتقديم محتوى عربي متميز

إرسال تعليق

أحدث أقدم