مدينة Tamil Nadu تقع بجنوب الهند يعيش بها اكثر من 76 مليون نسمة، هاته المدينة التي كانت من افقر دول العالم ارتفع بها الناتج المحلي الاجمالي للفرد الواحد في اخر عشر سنوات ب 95% في المقابل بالهند ارتفع ب 45%، ايضا وصل بها معدل التسجيل في الدراسات العليا الى 38% وتفوقت حتى على امريكا التي وصل بها الى 31%، مساهمة المرأة في سوق العمل ب Tamil Nadu وصلت 38.9% وهي ضعف مساهمة المراة بالهند بسوق العمل، المدينة استطاعت تصدير 48 مليار دولار من سيارات، مكونات الحاسوب و الصناعة النسيجية، 60% من المدينة مناطق حضرية واصبحت تشكل 12% من المناطق الحضرية بالهند بالرغم من انها تمثل 6% من سكان الهند، كخلاصة المدينة اصبحت ثاني اغلى واحسن اقتصاد بالهند في بضع سنوات، فما القصة؟
المدينة اعتمدت منذ اكثر من 25 سنة للوراء على ما يعرف ب freebies اي تقديم خدمات وحتى سلع مجانا للسكان، حافلات النقل مجانا للنساء ، دراجات هوائية مجانا للرجال، تعليم مجاني، تلك الخدمات كانت بهدف تأهيل جزء كبير من سكان المدينة للعمل وفئة منه للعمل في مناصب تحتاج تأهيل علمي عالي، مع دخول الاستثمارت الاجنبية الهند، هاته المدينة كانت اكثر المدن بالهند استقطابا لهاته الاستثمارت بسبب الاستثمار الكبير على الرأس المالي البشري بها، وبالرغم من عجز الميزانية المسجل بها لسنوات الا انها استطاعت تغطية ذلك عن طريق جذب رؤوس الاموال والشركات لها وحتى الاموال الساخنة كون مردودية الاستثمار بها جد عالية، قد يتساءل الكثيرين لماذا تطرقت لمدينة Tamil Nadu؟
تطرقت للمدينة ببساطة لانها طبقت في اخر عشرين سنة ما بدأت في تطبيقه الجزائر منذ الاستقلال، الجزائر الدولة الاجتماعية و Tamil Nadu المدينة الاجتماعية، الفرق ان الدولة الاجتماعية للجزائر كانت بأهداف فقط اجتماعية لكن المدينة الاجتماعية ل Tamil Nadu كانت بأهداف اجتماعية اقتصادية وما يعرف ب Socio Economic Model، يكفي فقط ان نأخد مثال الحافلات المجانية للنساء ونسبة مساهمة النساء في سوق العمل بعد عشر سنوات من توفير الخدمة للتأكد من تحقيق هذا النموذج لاهدافه.
اتمنى من الشرفين عن السياسة الاقتصادية عندنا تحليل ومتابعة تجارب الدول وحتى المدن والاستفادة منها لكي نصل الى المرحلة التي نجعل فيها اي استغلال لموارد الدولة يكون لاهداف اقتصادية، التعليم مثلا استثمار وليس خدمة عمومية، اي ان التعليم المجاني جيد لكن يجب ان يكون وفق استراتيجية اقتصادية تجعل ذلك الفرد يعوض ما نفق على تكوينه اضعاف مضاعفة عن طريق القيمة المضافة التي يقدمها بعد التخرج.
